السبت 28 سبتمبر 2024
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

يا حكام... "وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ للْعَبِيدِ"

Time
الثلاثاء 30 مايو 2023
View
13
السياسة
قال اللهُ في كتابه العزيز: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ للْعَبِيدِ"، لو استعرضنا وضع الكويت منذ نحو 50 عاماً اليوم، لوجدنا أنَّ هذه الآية الكريمة انطبقت على كثير ممن أساؤوا إلى أنفسهم وذويهم قبل الإساءة إلى الدولة والشعب، وحق عليهم قول الله: "وما ربك بظلام للعبيد"، فنهاياتهم كانت سيئة جداً؛ لأنهم استغلوا مناصبهم وصلاحياتهم في ظلم الناس، والاستحواذ على ما ليس لهم.
في كثير من مؤسسات الدولة يرى الموظف نفسه أنه صاحب نفوذ، لا أحد يحاسبه عليه، بل إنه يبني شبكة علاقات من فاسدين مثله؛ كي يحمي نفسه، ويحمي ربعه، ولهذا استفحل الفساد بعد تحرير البلاد من الاحتلال؛ لأن هؤلاء لم يؤمنوا يوماً بوطنهم، ولا ربهم الذي، يُمهل ولا يُهمل، واعتقدوا أنَّ ما جرى في سبعة أشهر يؤهلهم كي ينهبوا البلاد؛ لأنهم رأوا في الكويت وطناً موقتاً، وليس نهائياً.
ثمَّة العديد من المسؤولين في أجهزة حساسة ظلموا الناس، وتفننوا في ذلك، ونهبوا، وعقدوا الصفقات في ليل، متآمرين على شعبهم، وأساؤوا للقيادة التي وضعت الثقة فيهم، وأولتهم مهمة الحفاظ على مصالح الدولة.
عدد من هؤلاء جعلوا المشاريع كعكة تقاسموها مع فاسدين غيرهم، وكذلك منهم من طغى في الجبروت؛ فسجن مظلومين، وسحب جنسيات؛ لأن أصحابها لم يوافقوه على نهجه السيئ وفساده، كما منهم من مُنعوا من السفر، وتعطلت أعمالهم كيداً.
كلُّ هؤلاء اليوم يعانون اليوم، أكان من أمراض تلهب أحشاء بطونهم، أو فقدوا عزيزاً في ظروف هم تسببوا بها، أو سُجنوا، أو تركوا البلاد ويعيشون اليوم في ظلمات الغربة وقد اسودَّت وجوهُهم ندماً، في المقابل الذين راعوا الله وحافظوا على الأمانة الموكلة إليهم، وخدموا شعبهم ووطنهم بالقانون، ولم يخيبوا القيادة التي منحتهم ثقتها، فإن وجوههم صبوحة، يتهنون بما يفعلون، وليس في أحشائهم نار تلهبهم؛ لأنهم لم يحقدوا أو يحسدوا، أو يبخلوا في فعل الخير.
قديماً كانت وزارة الداخلية، وبعض أجهزتها الحساسة، وقبل تسلُّم الوزير الشيخ النشيط طلال الخالد زمامها، تسيء إلى البلاد والناس، وتكيل بأكثر من مكيال، لذلك كثر الظلم فيها، كذلك وزارة الدفاع، وغيرها من المؤسسات، التي جعلها البعض مزراع خاصة له، لكن اليوم اختلفت المعايير، وهذا ما يجب أن يكون عليه أي مسؤول، فلا يظلم، ولا يعتدي على حقوق الناس، فالظلم ظلمات، ومن يسعون فيه قال الله عنهم: "فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا"؛ لأنَّ العزيز الجبار نهى عما يؤدي إلى خراب معيشة الناس، ويؤذيهم.
كإعلامي عشت كثيراً من التجارب، رأيت تبدُّل أحوال بعض الناس، لا سيما الذين كان جبروتهم يطغى حتى على المسكين الذي لا حول له ولا قوة، وكيف كان هؤلاء يسعون إلى إيذاء الناس، وكأنَّ لا أحد سيُحاسبهم، أو ليس هناك آخرة، فماذا حلَّ بهم اليوم؟ وأين هم؟ وما مصيرهم؟
ثمَّة الكثير مما نهى عنه الله، سبحانه وتعالى، لكن مَنْ تخلَّقوا بأخلاق الشياطين لم يتنبَّهوا، لذلك يعمدون إلى الإساءة لوطنهم وشعبهم، لكن صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "إِنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ"، لهذا فإنَّ الفاسدين والظلمة الذين عاثوا فساداً في البلاد، لا بد أن يحين وقت حسابهم.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار