الجمعة 09 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
يا سمو الرئيس… نريد أكل العنب وليس قتل الناطور
play icon
الافتتاحية

يا سمو الرئيس… نريد أكل العنب وليس قتل الناطور

Time
الأربعاء 29 نوفمبر 2023
View
600
sulieman

لا بد من شكر النائب مهلهل المضف لإصراره على استجواب رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد النواف، لأن الحكومة سارعت قبله إلى تنفيذ عدد من المطالب الشعبية، التي كانت ترفضها في السابق، لحسابات لسنا في وارد تعدادها الآن، لكنها خضعت خوفاً من سيف المساءلة الذي كان مصلتاً عليها.
في الحقيقة أن الشعب الكويتي لا يريد قتل الناطور، إنما أكل العنب، فيما كانت السلطة التنفيذية تمانع في تحقيقه، وكأنها رغبت في مزيد من التجويع السياسي للشعب، لكن عشية الاستجواب فتحت الباب واسعاً، فأصدرت مرسوم العفو عن مساجين ومهاجرين جراء قانون الجرائم الإلكترونية المعيب والمخالف للدستور، فيما منذ أكثر من ستة أشهر كانت تماطل في هذا الأمر، إضافة إلى تعديلها بعض الرواتب، ولو كانت ليست كل المطلوب، لكنها أثبتت أنها قادرة على ذلك، من دون التحجج بعجز السيولة.
إن تحقيق هذه المطالب القليلة هو غيض من فيض إلى ما يسعى إليه الشعب، لكنه يدل على أمرين، الأول: لو رغب مجلس الوزراء في أمر فعله، والثاني: إن السلطة التنفيذية لا تعمل إلا تحت الضغط.
ونتيجة تلك السياسة، لا يمكن التعويل على الاستقرار السياسي والاقتصادي لأنها تعني عدم إدراك ما يمكن أن تصل إليه الأمور إذا استمر العمل تحت الضغط، كما لا يمكن لأي حكومة في العالم أن تعمل بمزاجية، فهذا يدل على أنها لا تعير وزناً لبرنامجها، أولاً، وثانياً أنها تخضع لأهواء المتنفذين وبعض القوى، ما يدل على فشلها.
ولا شك أن المسألة لم تنته عند ما تحقق بفعل عصا الاستجواب، فالناس لديها الكثير من المطالب، وكلها محقة، بدءاً من القروض التي تضغط على شريحة واسعة من المواطنين، مرورا بالمشكلة الإسكانية، والفشل التعليمي، والبنية التحتية، وصولاً إلى إغلاق البلاد، ما جعلها طاردة للاستثمار، وعدم توحيد الكوادر للموظفين، ورغم الصراخ الشعبي إلا أن الحكومة "عمك أصمخ".
كل هذا يؤدي إلى الضغط على الاقتصاد، وخسارة المزيد من الناتج الوطني الذي تسعى الدول المجاورة إلى تعظيمه عبر تسهيلات كثيرة، إضافة إلى الاستعانة بخبراء محنكين، أكانوا من مواطنيها، أو من الأجانب، بينما الكويت تسير عكس التيار، وكأنها اختارت العيش في صندوق مغلق، ولا تريد النظر إلى محيطها والعالم.
ففي أي دولة حين تكون معظم المناصب القيادية بالوكالة، فهذا يعني أنها ليست بخير، وغير قادرة على اختيار الأشخاص المناسبين لشغل تلك الوظائف، بل الأكثر فداحة عندما يعين من ليس أهلاً في منصب قيادي، بينما تبعد عمداً الكفاءات، وهذا ما تمثل بالفشل الكبير في المشاريع، بل المؤسسات كافة، وأفسح المجال لاستشراء الفساد إلى حد لا يمكن معالجته إلا بعمليات جراحية مؤلمة، وهو ما لا يمكن حصوله في هذه الأجواء السياسية.
ما جرى قبل جلسة استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء يؤكد أن الباب بات مفتوحاً للمزيد من المساءلات النيابية، لرئيس مجلس الوزراء والوزراء لتحقيق مطالب المواطنين، وهذا لا يعني إصلاحاً، إنما الخراب، فهل إلى هذا الحد أصبح المنصب عزيزاً، حتى لو كان على حساب الوطن؟

أحمد الجارالله

آخر الأخبار