الجمعة 27 سبتمبر 2024
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

يا سمو الرئيس... هل علينا تكسير أقلامنا والجلوس في بيوتنا؟

Time
الأحد 28 مايو 2023
View
11
السياسة
يوماً بعد يوم تتعزز القناعة بأن مشاريع التنمية ليست أكثر من حبر على ورق، وإذا نفذ منها أي شيء، يكون عبر منظومة من الشركات المحلية التي اتفقت فيما بينها على تقاسم الكعكة وبتكاليف عالية جداً، وبأساليب باتت معروفة للجميع، سواء كان في سوء التنفيذ أو عبر "الأوامر التغييرية" التي ترفع التكلفة إلى مبالغ ضخمة، فيما هي تستفيد من موظفين إما مرتشون، أو عينوا في وظائفهم من خلال "واسطة" نائب أو متنفذ كي ينفذ أمر أصحاب تلك الشركات.
من هنا، نخاطب اليوم سمو رئيس مجلس الوزراء، ووزيري الأشغال والمالية، ومن يهمهم الأمر، ونقول: يومياً هناك أخبار عن مرتشين وفاسدين، والمحاكم تعج بالدعاوى في هذا الشأن، و"نزاهة" وغيرها من أجهزة الرقابة تدفع إلى النيابة العامة بوثائق ومعلومات عن الفاسدين وسراق المال العام، لكن إلى اليوم لم يجر الإعلان عن إيقاف متورطين، أو منع شركات مشبوهة من العمل في مشاريع الدولة، ونشر أسماء المخالفين كي يكونوا عبرة لغيرهم.

سمو الرئيس..
قيل إن هناك مفاوضات مع شركات من الخارج لتنفيذ بعض المشاريع وبخاصة الطرق، لكن اتضح أن لها وكلاء في الكويت، أو بالأحرى، خرجت تلك الشركات المحلية من الباب ودخلت من نافذة التعاقد في الباطن، وبهذه الطريقة تعمل على ممارسة النهب من المال العام من خلال التلطي خلف أسماء الشركات الأجنبية.
في الدول المجاورة، وبينها الإمارات والسعودية وقطر، نفذت المشاريع من خلال التعاقد المباشر مع الشركات العالمية، ولم يكن هناك وسطاء محليين، وهكذا نفذت أكبر الأعمال التنموية في السعودية، وجرى تطوير البنية التحتية، وكذلك مترو دبي، وبرج خليفة، وبناء المحطة النووية في أبوظبي، والطرق، وغيرها الكثير، وكلها كانت تكاليفها أقل بكثير من مشروع واحد في الكويت، وجرى التنفيذ بسرعة، ومن دون "أوامر تغييرية"، وكانت المناقصات شفافة للغاية، ونشرت في وسائل إعلام تلك الدول.
فماذا عن الكويت؟
شبكة الطرق اليوم أسوأ من أي دولة في العالم، وبعض الأبنية الرسمية أنجزت ولم يجر استخدامها لأن فيها عيوبا تمنع تشغيلها، وقد تأخر تنفيذها سنوات عدة، وكانت تكلفتها أعلى بكثير من أي مثيل لها في الدول الأخرى، ورغم ذلك لم يحاسب أحد، بل تسلمتها الجهات المعنية على علاتها، أي بمعنى آخر، هدر المال والوقت، فهل هكذا تورد الإبل؟

سمو الرئيس..
يأخذ الشعب على الحكومة أنها تعمل وفق ذهنية مضادة لمصلحته، وأن "يومها يعادل سنة"، لهذا يحاول المواطن الاستعانة بـ"الواسطة" كي ينجز معاملاته، ولأن أصغر موظف يرى نفسه حاكماً في منصبه، وأن الناس تأتي إليه من خلال "الواسطات"، وهو بذلك يستفيد عبر شتى الطرق، فهو لا بد أن سيخدم نفسه ومصلحته، وليس مصلحة الدولة، لأن الرقابة الحازمة غائبة، وبهذا "تركت القرعى ترعى" على هوى الموظفين.

سمو الرئيس..
حين نقول إن البلد منهوب، فلا مبالغة في هذا، بل ما نتحدث عنه قد يكون رأس جبل جليد الفاسدين، وممارساتهم، ولهذا لا بد من سن سنة مغايرة لما اعتادت عليه الحكومات المتعاقبة، وأن يكون التفاوض مباشراً مع الشركات العالمية القادرة على تنفيذ المشاريع الكبرى، سواء كان استكمال بناء ميناء مبارك الكبير، أو جزيرة فيلكا، وحتى إحياء مشروع المنطقة الاقتصادية الشمالية، أو غيرها مما تحتاجه البنية التحتية.
هذا إذا كنتم تريدون الإصلاح، أما إذا كنتم لا تريدونه، فما عليكم إلا قول: إن صراخنا في برية، والأفضل أن نكسر الأقلام، ونقبع في بيوتنا.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار