طلال السعيدبعد حكم محكمة الاستئناف الأخير، الذي كشف عيوباً كثيرة في المنظومة الأمنية، حسب ما جاء في حيثيات حكم الاستئناف لمن تمعَّن في قراءة الحكم، لكن مشكلتنا أننا نذهب إلى الحكم مباشرة من دون قراءة الحيثيات التي على أساسها كوَّنت المحكمة قناعاتها وأصدرت الحكم. المهم أن وزير الداخلية يعتزم إجراء تغييرات شاملة في جهاز أمن الدولة بشكل خاص وباقي الأجهزة الأمنية بشكل عام، ومن ضمن الخطط التي تدرس حالياً إحالة بعض الرتب الكبيرة إلى ديوان التقاعد او ديوان الوزارة، وترقية ضباط الصف الثاني لتولي المناصب التي سوف تشغر في محاولة لضخ دماء جديدة للقضاء على الترهل الحاصل والاختراقات الأمنية والفساد في بعض الأماكن الحساسة. نقول للوزير الله يقويك، ولكن: هل يعرف الوزير الشاب قيادات الصف الثاني الحالية معرفة جيدة او يعرف كيف تم قبولها في كلية الشرطة؟ فغالبية الرتب الحالية تم قبولها على أساس "الواسطة" والمحسوبية وتوزيع الحصص بين النواب في زمن وزير فاسد وليس الكفاءة، فأصبح ولاء كل منهم للعضو الذي توسط له وليس لشعار الداخلية الذي يحمله حتى أصبح كل منهم مندوباً لذلك العضو في مكانه ينهي معاملاته.
ونحن هنا لا نعمم نهائياً، فالخير موجود، والوزارة لا تخلو من الكفاءات التي فرضت نفسها ولم تفرضها "الواسطة" ولكنها مهمشة ومجمدة حتى انها كرهت الإبداع وركنت إلى الراحة، ففي زمن بعض الوزراء الفاسدين كان القبول بالكلية يتم لشراء ولاء أعضاء مجلس الأمة أو إسكاتهم عن فتح ملفات الفساد على حساب الكفاءات التي كانت تتقدم ثم ترفض لعدم وجود "واسطة" ليحل محلها المحسوبون. هاهم المحسوبون الآن يقتربون من الصف الأول، فهل بمثل هؤلاء ينهض العمل الشرطي وتنظف الأجهزة الأمنية، ويجتث الفساد وهم لم يدخلهم إلى الكلية بالأساس إلا المحسوبيات والفساد وتداعياته وليس الكفاءة وحب العمل الشرطي إلا ما ندر!يقول المثل الشعبي: "يا شريم انفخ، قال برطم ما فيه!"، فمن ليس له شفة لايستطيع النفخ! مهمة شبه مستحيلة، فتداعيات الفساد مستمرة لسنوات طويلة، بل قد تطول أطول مما يتصور الوزير، فالمهمة شبه مستحيلة، وتحتاج إلى فتح ملفات كثيرة وأهمها إقصاء المحسوبين على "الواسطات" والذين لن تصعب عليه معرفتهم... زين.
[email protected]