الأربعاء 02 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

يا ولاة الأمر أغيثونا...أغيثونا

Time
الأحد 09 يوليو 2023
View
7
السياسة
لا عدالة من دون مساواة، ولا حقوق في عتمة الظلم حين تصبح الدساتير مجرد وجهات، وهذا ينطبق على الغارمين وأصحاب القروض الشخصية، الذين احتاجوا الى الغير كي يستعينوا على الحياة، لكنهم وقعوا بين نارين، العجز عن السداد، والقانون الذي لا يرحم، والذي نص على ما يخالف الدستور، خصوصاً المادة السابعة منه "العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين".
هذا النص الذي لم يراعه المشرعون، فسنوا قوانين تخدم أصحاب الأموال الساعين إلى الاستحواذ على كل شيء، وفي هذا ضربوا عرض الحائط بالتشريع الإلهي، لأن مبدأ إحقاق العدل يقترن بالمساواة، فنقلوا أعراف ما قبل دولة المؤسسات الى بعض القوانين، وتمادوا في تنفيذها، بل جعلوا الأجهزة الأمنية والقضائية مجرد محصل لهم ووسيط.
مشكلة القروض الشخصية في الكويت تحولت كرة ثلج بسبب قصر النظر الى الواقع، خصوصاً الذين يتعمدون الحصول على شيكات من دون رصيد، أو سندات أمانة من المدين، فيما شرعياً هذا الأمر محرم، لأن "المفرط بماله لا يحق له مطالبة الغير تحصيل حقوقه".
ودستورياً هذا ممنوع لأنه ليس هناك دولة في العالم تمنع مواطنيها من حرية الحركة، والسفر، والسعي الى الرزق في قضايا مدنية، مالية حصراً، ومنع السفر والسجن فقط في القضايا الجنائية، كالنصب والابتزاز، والقتل وغيرها من الأعمال التي تقع على النفس.
هذه الحقيقة غائبة عن كثير من المسؤولين، لأن الدولة العميقة المستفيدة من ابتزاز الغارمين، والمديونين، تزين وتزعم أن هذا الأمر من صلب إحقاق الحقوق، ومن العدالة الاجتماعية، فيما الحقيقة عكس ذلك، لهذا صور بعضهم حجم القروض أكبر من الواقع، علماً أنها لا تتعدى 1.9 مليار دينار، وليس 14 ملياراً.
أيا كانت الأسباب، لا بد من إيجاد حل لهذه القضية التي تهدد ما يزيد عن 120 ألف مواطن، إما صدر ضدهم "ضبط وإحضار" أو منعوا من السفر، وزجوا في السجن لقاء ديون بعضها لا يتعدى 500 دينار، وهذا مخالف للشرائع الدولية كافة، إضافة الى مناقضته الدستور، فيما الكويت تنفق سنوياً ما يصل الى ثلاثة مليارات دينار، إما تبرعات أو هبات لمختلف دول العالم، من الدولة مباشرة، أو من صناديق الزكوات، والجمعيات الخيرية، بينما لا تقدم فلساً واحداً للغارمين، لأن الدولة العميقة تمنع ذلك.
جيد أن مجلس الأمة أقر قانون الإفلاس، لكنه ليس كافياً، لأن القوانين الجزائية الأخرى لا تزال تقوضه، وحسناً تقديم مجموعة من النواب اقتراحات لاسترداد فوائد القروض المحصلة بشكل غير قانوني، لكن أيضا هذا ليس كافياً، فدول الخليج أنهت هذه المشكلة منذ زمن، حين سددت قروض مواطنيها، ولم تمنعهم من السفر، أو تزج بهم في السجن.
لا شك أن تحقيق العدالة الاجتماعية يقوم وفقاً للدستور على أن "تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الأعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة"، وليس تلك النظرة غير السلمية التي ينظر بها البعض الى هذه النقطة، فحين تحدث أي كارثة طبيعية أو محنة تتكفل الدولة بحماية المتضررين وتساعدهم فقط، ولا تدفع إلى كل الناس.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار