الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

يا ولاة الأمر... ألغوا الدعم وارفعوا الرواتب المتدنية

Time
الأربعاء 26 يوليو 2023
View
62
السياسة
نعم، النواب ضيّعوا البوصلة، فخلال الحملات الانتخابية رُفعت شعارات، وساد اللغط بين الناس والمرشحين، وأعلنت الغالبية النيابية وقوفها إلى جانب الشعب وتأييد مطالبه، والسعي إلى تحقيقها، لكن حين دخلت قاعة عبدالله السالم تغير المزاج، فخرجت اقتراحات أقل ما يقال فيها إنها غريبة عن الكويت والكويتيين، وكأن هذه الدولة تعيش ترف التسلي بالأمور الصغيرة، وليست لديها أزمات "لا تشيلها البعارين"، ولا الناس تئن من الوضع المزري الذي وصلت إليه.
هؤلاء النواب كشفوا عن حقيقة أنهم لا يمتلكون برامج واقعية، فبدلاً من اقتراح يفيد الناس، هناك من اقترح قانوناً لمنع الوشم وعمليات التجميل، فيما آخرون اكتفوا بتعديل بعض القوانين التي لا تهم إلا فئة محددة من الكويتيين، بينما الغالبية كانت تنتظر إنصافها ومساعدتها على تسيير أمورها المعيشية بالتالي هي أحسن.
لهذا، حين يؤكد وزير التجارة عدم التفكير في إلغاء البطاقة التموينية، فهو يعبر عن ذهنية وزارية- نيابية لا تفهم ماذا تعني المساواة في الحقوق والواجبات المنصوص عليها بالدستور، وإذا كان تصريحه من أجل معارضة اقتراح النائبين مرزوق الغانم وأحمد لاري، لمجرد المعارضة، فقد غاب عن باله أن المال العام يتحمل سنوياً سبعة مليارات دينار هدراً على دعم لم تعد له حاجة، إنما الهدف منه زيادة ثروات التجار والأغنياء على حساب محدودي الدخل.
ففي السنوات الأخيرة شكل تهريب المواد الغذائية المدعومة أزمة لأجهزة وزارة الداخلية كافة، فيما لا تزال تلك المواد تباع في الدول الأخرى، وبأسعار أقل من تكلفتها في الكويت، فما اقترحه الغانم ولاري يصب واقعياً بمصلحة المواطن محدود الدخل، والفقراء، لأن إلغاء الدعم عن السلع وتخصيص المحتاجين بدعم نقدي يوفر على المال العام نحو خمسة مليارات دينار، لأن الوقائع تثبت أن مليار دينار كافية وتزيد لهؤلاء، فيما يذهب الوفر إلى منافذ أخرى تحتاج إليها الكويت.
حين تهدر الماء والكهرباء في القصور الكبيرة، ويدعم البنزين، ويستفيد منه أصحاب السيارات الفارهة الضخمة، ففي هذا إجحاف، بل بطر بالنعمة، فإذا عانى الغني من "نشلة" أقلته طائرته الخاصة إلى أفخم المستشفيات في الخارج، لعدم وجود بنية تحتية طبية صحيحة، هو ساهم في سوئها، وعندما تفتقر الدولة لستراتيجية تعليمية من أجل فائدة أصحاب المدارس والجامعات الخاصة، فهذا يعني قتلاً بطيئاً للمجتمع.
علينا أن ندرك أن دوام الحال على ما هو عليه مستحيل، وبالتالي يجب على النواب أن ينظروا إلى أحوال الشعب، ولهذا حسنا فعل الغانم ولاري باقتراحهما وقف الدعم السلعي، وأن يتجه البدل النقدي إلى تأمين احتياجات محدودي الدخل وأصحاب الرواتب المتدنية وأصحاب القروض، فكاتب هذه السطور ليس بحاجة إلى كيسي "عيش" كل شهر، ولا إلى هدر الكهرباء والماء، كما يفعل أصحاب القصور الذين يتركون مكيفاتهم طوال أشهر الصيف، خلال غيابهم بإجازاتهم، في سويسرا ولندن وغيرهما، وهذه ليست عدالة اجتماعية.
ففي معظم دول العالم، وحتى المجاورة المشابهة للكويت، هناك تأمين صحي شامل لأفراد الأسرة، ومنه أيضا العلاج في الخارج، ويمكن للدولة أن تؤمن على محدودي الدخل، من ضمن الدعم النقدي.
هناك الكثير من الحلول لهذه المشكلة، لكن عندما يضيع النواب البوصلة، وتسير على نهجهم الحكومة، فعلى الدنيا السلام، لأنه لن تنصلح حال البلاد إلا من خلال رؤية واقعية، وليس عبر كيديات ومشاريع قوانين تجعل العالم يضحك علينا.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار