الجمعة 20 سبتمبر 2024
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

يا ولاة الأمر... عدِّلوا الدستور

Time
الثلاثاء 02 مايو 2023
View
12
السياسة
أخيراً، أُعلن حلُّ مجلس الأمة، وجرّاء ذلك بات أمراً عادياً أن ترتبك أعمال المؤسسات الدستورية، بعد أن دبَّ الطلاق بين السلطتيْن، التشريعية والتنفيذية، إذ بعد مسيرة ستة عقود من العمل الديمقراطي، لا تزال الكويت تبدو كأنها لم تدخل عهد الاستقرار السياسي، إذ لا يُعقل أن يكون متوسط عمر مجلس الأمة نحو تسعة أشهر، فيما أكملت نحو خمسة مجالس فصلها التشريعي كاملاً.
هذا الخلل مصدرُهُ عدم وجود قدرة على وضع حد للأزمة؛ لأنه رغم وضوح الدستور في النص بشأن تعاون السلطات، إلا أن للمجلس سلطة موازية، وهي فرضه أي قانون بعد شهر من عدم توقيعه من رئيس الدولة، الذي هو دستورياً رئيس السلطات كافة.
هنا يتناسى الكويتيون أن المادة 174 من الدستور نصت على: "لا يجوز اقتراح تعديل هذا الدستور قبل مضي خمس سنوات على العمل به"، ومنذ العام 1962 حتى اليوم لم يجر النظر في المشكلات الناشئة عن تطبيقه، والعمل على تطويره من أجل ترسيخ الاستقرار في البلاد.
في كل دول العالم الديمقراطية العريقة يُصار كلُّ فترة إلى النظر في الدستور، خصوصاً حين تنشأ عقبة ما تمنع السلطات من ممارسة دورها، هكذا الحال في فرنسا حين وجد الرئيس شارك ديغول عام 1958 أن الدولة ذاهبة إلى الفوضى نتيجة عدم قدرة المؤسسات على حل مشكلاتها، وانهيار الجمهورية الرابعة، فأطلق عملية سياسية انتهت إلى دستور جديد وهو المعمول به حالياً.
أما في إيطاليا، التي كانت ترزح تحت فوضى حكومية نتيجة الخلافات بين مجلسي النواب والوزراء، قد شكلت فيها 45 حكومة في غضون 77 عاماً، وكان عمر الحكومة لا يتعدى سنة وسبعة أشهر، لكنها وجدت أن الحل الوحيد هو تعديل الدستور، وهو ما فعلته آخر مرة في العام 2012 وقد أدى ذلك إلى استقرارها سياسياً.
اليوم، نذهب إلى انتخابات جديدة، وهي الخامسة في غضون عشر سنوات، وفي كل مرة كانت الأمور تعود إلى المربع الأول نتيجة عدم التعاون بين الحكومة ومجلس الأمة.
هذا الأمر جعل الشعب الكويتي يضجر من الإرباك المستمر، ووقف التنمية والمشاريع، وانحدار المستوى المعيشي بسبب عدم إقرار قوانين تنعش الاقتصاد الوطني.
ووفقاً للنتائج التي ظهرت خلال السنوات العشر الماضية، فلن يتغير الوضع؛ لأن العقبة ليست في المرشحين، أو اختيار الوزراء فقط، إنما بالنظام الانتخابي، والسلطة شبه المطلقة دستورياً للنواب.
لا شكَّ أنَّ "العودة إلى الشعب" هي القاعدة الذهبية التي استند إليها صاحب السمو الأمير في سبب حل مجلس 2020، وأعلنها سمو ولي العهد نيابة عنه، إلا أن ذلك يحتم إدراك أسباب العلة، ففي حين تنادي معظم شرائح المجتمع بتعليق العمل بمجلس الأمة، بعد المشكلات التي تسبب بها، لا بد من ممارسة الحاكم صلاحياته، والعمل على تصحيح الخلل الدستوري، وهو لديه الصلاحيات الكاملة في هذا الشأن، من أجل الخروج من هذه الأزمة؛ كي لا نبقى نعيش "بين مشنقة ومشنقة نلتقط أنفاسنا"، فالحبلُ لن ينقطع، بينما تموت الدولة ببطء نتيجة الدوران في حلقة التمحاك السياسي بين الحكومة والنواب.

أحمد الجارالله
آخر الأخبار