الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الافتتاحية

يا ولاة الأمر... هذه قصة الملك وتغييره وزير اقتصاده

Time
الاثنين 24 يوليو 2023
View
57
السياسة
أسست الكويت صندوقها السيادي عام 1953، وبالتالي كان متوقعا أن يكون اليوم هو الأكبر عالميا، غير أن الحقيقة باتت عكس ذلك، فحين تنشر وكالة "بلومبيرغ" نقلا عن مؤسسات تصنيف عالمية أن هذا "الصندوق بات مشلولا، وفقد الكثير من قياداته ومعها مهنيته"، فهذا مؤشر جد خطير، لأن تراجعه، ومهما كانت الأسباب، يعني تراجع الثقة عالميا بالكويت.
صحيح أنه الثالث عالميا من حيث الأصول، لكن ذلك لا يعني تفوقه، بل إن الصندوق النرويجي تخطاه منذ زمن رغم أنه بدأ العمل عام 1996، وأيضا الصناديق السيادية الأخرى التي بدأت بعده، فقد أصبحت تستحوذ على أصول أكبر منه، ولديها عوائد أعلى من الكويت، بعيدا عن النفط الذي لاتزال الدولة تعتمد عليه بنحو 93 في المئة. إذا أين المشكلة؟
في هذا الشأن ننقل عن أحد التقارير المتخصصة أن "السياسات الاقتصادية الخائبة منذ التحرير تدفع الدولة إلى استهلاك صندوقها"، فيما المنطق يقول يجب أن تعزز موجوداته، وتستثمر محليا في المشاريع الإنمائية، أقله الثلث من مال الدولة السيادي، لا أن يضيع بين الوزراء، فمرة يتبع المالية، وفي حكومة ثانية يصبح بإشراف وزير النفط، وكما ذكرنا سابقا ربما يصبح تحت إشراف وزارة البلدية أو الشؤون أو الأوقاف!
هذا الوضع غير السليم ذكرني بقصة ملك أراد تغيير وزير اقتصاده، الذي فشل في مهمته، فأعلن أن من يثق بنفسه ويرى أن لديه القدرات الكافية للفوز بالمنصب أن يتقدم للمسابقة.
حينها تقدم عشرة أشخاص، فأعطى لكل منهم 1000 قطعة ذهبية وقال لهم، عودوا بعد أشهر لأرى ماذا فعلتم بها.
بعد انقضاء المدة جاء تسعة منهم ومعهم أكياس من النقود، وقال الأول: "جئت لك يا سيدي بـ 15 ألف قطعة ذهبية"، وزاد الثاني عليه قائلا: "أنا جلبت 16 ألفا"، وراحوا يتنافسون، فيما الملك لا يستمع إليهم ولا يهتم بأرقامهم، وأخيرا نظر إلى العاشر، وقال له: "أين المال"؟
فتردد الشاب بعد أن رأى تفوق خصومه عليه، فعاجله الملك بالسؤال: "ما بك هل أسرفتها على رغباتك وشهواتك"؟
أجاب الشاب: "لا يا سيدي، لقد اشتريت قطعة أرض زراعية وعينت فيها بعض العمال الذين اقترحوا أيضا شراء بعض الماشية، والآن ليس لدي أي مال حتى يخرج المحصول ونبيعه"!
نظر الملك إلى الشاب وقال له: "أنت وزيري"! فضجت القاعة بسبب المفاجأة التي لقيها الرجال الآخرون الذين تاجروا، ونجحوا بحصد ما لن يحصده هذا الشاب ولو بعد ثلاثة أعوام ربما".
عندها قال الملك: "الاقتصاد هو تنمية المال، وما فعلتموه اسمه تجارة، أما الاقتصاد فهو كيف تصرف المال بحيث يبقى دوماً قادراً على تسيير أمور حياتك بالشكل الأفضل".
نعم، لقد سبقتنا الدول الأخرى، ومنها خليجية، لأنها أدركت منذ البدء أن تنمية المال وتعزيز الاقتصاد هو الأفضل لشعوبها، لهذا أصبحت اليوم دولة الإمارات التي تأسس صندوقها السيادي عام 1976 لا تعتمد على النفط كثيرا، بل لديها مداخيل رديفة تقدر بنحو 65 في المئة من الناتج الوطني، أما السعودية وقطر والبحرين وعمان فقد عززت صناديقها السيادية، ودخلت مرحلة تنويع الاقتصاد جديا على العكس من الكويت التي لا تزال على "طمام المرحوم"، لأنها ضيعت "الخيط والمخيط" جراء التدخلات غير المهنية بصندوقها السيادي.
لكل هذا من الضروري أن يكون الإشراف على المال السيادي إما من القيادة مباشرة، أو رئاسة مجلس الوزراء، وتحييده عن المناكفات والتدخلات السياسية المحلية.


أحمد الجارالله
آخر الأخبار