السبت 21 سبتمبر 2024
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
يا ولاة الأمر…من أجل سمعة الكويت أنهوا مُعضلة "البدون"
play icon
الافتتاحية

يا ولاة الأمر…من أجل سمعة الكويت أنهوا مُعضلة "البدون"

Time
الاثنين 09 أكتوبر 2023
View
928
السياسة

عندما تغيب الحلولُ، ويسدُّ الأفق بغيوم التمييز، تُصبح أيُّ مشكلة قضية كبرى، لهذا نعيش اليوم حالة غير مسبوقة من الفشل الحكومي المُتوارث منذ عقود، نتيجة عدم اللجوء إلى الحلول الواقعية، خصوصاً في ما يتعلق بملف "البدون" الذي بات يضغط على كلِّ شيء في البلاد، لا سيما سمعة الكويت في الخارج.
نقول هذا الكلام؛ لأنَّ المُكاشفة لا بد منها، فالشياطين دخلت في تفاصيل الحياة اليومية للناس، وباتت العبارة الأكثر تداولاً في المجتمع "هذا مو كويتي"، أو "هذا طرثوث"، فيما قبل لوثة العنصرية التي أصابت بعض المجتمع كان "البدون" يعيشون بيننا لا فرق بينهم وبين المواطنين، كما أنهم دخلوا في الجيش والشرطة.
أذكر كان أن أحد مسؤولي دولة مجاورة في زيارة للكويت، فقال للمغفور له الشيخ سعد العبدالله، وحينها كان ولياً للعهد، رئيساً لمجلس الوزراء، لديكم فئة تطلقون عليها "البدون" ولا نرى رغبة لمنحهم الجنسية، بينما نحن بحاجة إلى مواطنين، لذلك فإننا على استعداد لأخذهم وتجنسيهم، فأجاب الشيخ سعد، رحمه الله: يعيشون بيننا، ويجري عليهم ما يجري على الكويتيين، ونحن بحاجة لهم، وللكفاءات التي بينهم.
يومذاك لم يكن عددهم يتجاوز عشرين ألف نسمة، ولم تكن تلك النعرة الموجود اليوم، ورغم ذلك كانت تصدر لهم جوازات سفر وفق المادة 17، وبعضهم حصل عليها وسافر إلى دول أوروبية والولايات المتحدة، وكندا استوطن فيها، فيما فقدته الكويت؛ لأنه تعلم في مدارسها، وعاش فيها طوال عمره، لكن شعوره أنه "بدون" دفعه إلى ذلك.
اليوم، ومع القرارات الارتجالية، والاستثمار السياسي والانتخابي، ولعبة المصالح، وتغير مزاج المجتمع، تفشت ظاهرة العنصرية، التي لا تقف عند المقيم، بل تعدت إلى "البدون"، وحتى التفريق بين أبناء المجتمع الكويتي، فأصبح المقياس الطائفة والقبيلة والعائلة، بل المنطقة.
وبدلاً من وضع الحلول، أصبحت الأزمات تتوالى، وكرات الثلج تكبر، ليس مع "البدون"، بل في مؤسسات الدولة، لكن يبقى ملف "المقيمين بصورة غير قانونية" هو الأهم؛ لأن إقفاله يدل على بدء الخروج من مآزق المشكلات الأخرى، لهذا حين شرع قانون "تجنيس الأربعة آلاف" استبشر الناس خيراً، لكنه كغيره وضع على الرف، وحين وضع الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية بعض الحلول الواقعية اتهم رئيسه صالح الفضالة بالتخلي عن الهوية الوطنية.
هذه الحقيقة إن دلت فهي تدل على انسداد الأفق، والانفصال عن الواقع، وعن تكييف المقاربات استناداً إلى مصالح ضيقة، لهذا كبر الملف، وتحول كرة ثلج؛ لأن الدولة فاقدة رؤية مشروع نهوض، واستغلال الإمكانات كافة في التطوير، لهذا اليوم تحتفل بعض الدول بـ"البدون" وتمنحهم الجنسية وجوازات السفر؛ لأنها تدرك مدى أهمية القيم المضافة للمواهب والإبداعات، وما تمثله لثروة مجتمعها، بينما لدينا أصبح الضجيج يصم الآذان، وطالع علينا خبراء واختصاصون لا يفقهون شيئاً ينظرون علينا بكلام "مأخوذ خيره".
في ظلِّ هذا الوضع المعقد لا ندري من يتحمل المسؤولية، هل هو بيت الحكم، أو الحكومة، أو مجلس الأمة؛ لأن هناك صاحب القرار يأخذ بترهات ما يقال في بعض الديوانيات، وينبي عليها.
ثمة حلول، منها منح هؤلاء جوازات سفر "كاملة الدسم" لمدة معينة، وليرحلوا إلى بلاد الله الواسعة، أو المعروف أصله، يمنح بعض المال ويرحل إلى بلاده، وإذا أخذنا بما يُقال عن وجود أربعمئة ألف مشكوك بجنسياتهم، فلماذا لا يمنح "البدون" الجنسية؟! أليسوا هم الأولى؟
أياً كان الأمر، لا بد من وجود حلٍّ لهذا الملف الذي يؤرق الكويت، ويُشكِّل وصمة عار في جبين الدولة.

أحمد الجارالله

[email protected]

آخر الأخبار