الثلاثاء 24 يونيو 2025
42°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

يستخدمونك ثم يرمونك كمنشفة ورقية

Time
الأربعاء 30 ديسمبر 2020
View
5
السياسة
محمد الفوزان

ذكرها ابن الأثير في كتابه "الكامل في التاريخ" وقدم لها بعبارة "حادثة غريبة لم يوجد مثلها"، وهي أن مملكة الكُرج النصرانية بعد أن أتمت صلحها مع المسلمين، وصل إلى قمة الحكم فيها امرأة، فطلب منها الوزراء والأمراء، وكبار رجال الدولة، أن تتزوج رجلاً يدير عنها شؤون البلاد، ويكون في الصورة أمام الأعداء، وفي المفاوضات، وغير ذلك، فأرادت أن تتزوج من بيت مُلك وشرف.
ولكنها لم تر في مملكة الكرج من يصلح لهذا الزواج، وسمع بهذا أحد ملوك المسلمين وهو مغيث الدين طغرل شاه بن قلج أرسلان، وهو من ملوك السلاجقة، وكان يحكم منطقة الأناضول (تركيا حاليا)، وكان له ولد كبير، فأرسل إلى الملكة يطلبها للزواج من ابنه، فرفضت وقالت:لا يمكن أن يملك أمرنا مسلم".
فماذا فعل الملك مغيث الدين بن قلج أرسلان؟ قال لهم:" إن ابني يتنصر ويتزوجها"، فوافقوا على ذلك.
وبالفعل تنصر الولد، وتزوج من ملكة الكرج، وانتقل إلى مملكتهم ليكون حاكماً عليهم. ومرت الأيام، ثم علم الأمير الزوج أن زوجته الملكة تهوى مملوكاً لها، وكان يسمع عنها القبائح الشنيعة ولا يتكلم، فهو وحيد في مملكة واسعة، ثم إنه دخل عليها يوماً فرآها مع مملوكها في فراشه، فأنكر ذلك، وأراد أن يمنعها من استمرار العلاقة، فقالت له الملكة بكل جبروت:" إما أن ترضى بهذا وإلا فلا تبقى".
فقال:" أنا لا أرضى بهذا"، فنقلته إلى بلد آخر، ووكلت به من يمنعه من الحركة، وفرضت عليه الإقامة الجبرية وحجرت عليه، ثم تزوجت غيره!
انظر كيف وصل بهم الأمر إلى درجة من التنازل عن الدين وهوية الأمة يستحيل معها جلب النصر والتوفيق ورعاية الله.
شيء عجيب غريب كيف تأتي فكرة التنصر، أو تبديل الهوية والدين، وثقافة المجتمع المسلم في ذهن الملك السلجوقي وابنه أصلاً، بل وتطبيقها.
أيأتي ذلك من ملك عظيم يملك الأناضول؟
لو أتى ذلك من ضعيف مستعبد مهزوم لقلنا: لعله استُكره على ذلك، فهذا ما لا يتخيله عقل أو منطق.
نسأل الله أن يجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاه.
روى مسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال:" قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم):
بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا".

إمام وخطيب
[email protected]
آخر الأخبار